إن الحضارة المينوية هي التسمية التي تطلق على حضارة كريت في عصر البرونز، والتي سوف تصير لها هيمنة ثقافية على كافة منطقة بحر إيجة تقريباً، وليس لهذه التسمية معنى آخر. وهي مشتقة من اسم الملك الأسطوري مينوس، الذي قد لايكون له وجود حقيقي. لقد اعتقد الإغريق بعد ذلك بزمن طويل أو قالوا إن مينوس كان حاكماً عظيماً يعيش في كنوسوس ويتداول مع الآلهة، وإنه تزوج باسيفايه ابنة الشمس، التي ولدت وحشاً هو المينوتور، كان يلتهم الشبان والصبايا المرسلين تقدمة له من اليونان في قلب متاهة، إلى أن نجح البطل ثيزنوس أخيراً في اختراق تلك المتاهة وذبح فيها وحش المينوتور. إن هذا الموضوع غني ويوحي بالكثير، ولكن ليس من دليل يؤيد القصة، وربما كان اسم مينوس لقباً يطلق على عدد من الحكام الكريتيين.
لقد استمرت الحضارة المينوية نحو ستمائة سنة، ولكننا لا نعلم إلا الخطوط العامة لتاريخها، كانت مدنها كلها تعتمد على قصر كنوسوس، وقد ازدهرت طوال ثلاثة أو أربعة قرون، وكانت تتاجر إذا صح التعبير مع مصر وبر اليونان. في أواخر الأزمنة النيوليتية أدى تطور الزراعة إلى تحسن زراعة الحبوب في كريت وإلى زراعة الزيتون والكرمة أيضاً، ويبدو أن الجزيرة كانت في ذلك الزمان كما هي اليوم أنسب مناخاً وأرضاً حتى من بقية جزر بحر إيجة وبر اليونان لزراعة هاتين النبتتين، اللتين سوف تصير لهما أهمية كبيرة في زراعة المتوسط، فيما بعد. كانت زراعة الزيتون والكرمة ممكنة حيث لا يمكن زراعة الحبوب، وقد غير اكتشافهما إمكانيات الحياة في المتوسط، وسمح للتو بازدياد عدد السكان في كريت وأدت زيادة السكان إلى توفر إمكانيات جديدة، ولكنها اقتضت في الوقت نفسه حاجات أكبر من أجل التنظيم والحكم وتدبير زراعة أكثر تعقيداً والتصرف بالمنتجات الزراعية، وكانت كريت تصدر
خريطة لجزيرة كريت تبين مدن كنوسوس وماليا وفايستس