لنتمهل قليلاً عند عام 1000 للميلاد، لأن هذا التاريخ ذا معنى خاص عند أهل القرون الوسطى، فضلاً عن أنه رقم مدور يسهل تذكره. مع اقتراب الألفية من نهايتها صار كثير من الناس في أوروبا المسيحية يعتقدون أنها سوف تجلب نهاية العالم ويوم الدينونة، وكان بعضهم في الحقيقة راغبين بقدوم نهاية العالم ومتأهبين لملاقاة خالقهم، إلا أن أكثرهم كانوا يعيشون في عالم ليس فيه ما يبعث على الأمل أو التفاؤل، فقد كانت أوروبا في ذلك الزمان بلاداً فقيرة، ومازالت تحرر نفسها من الشعور بأنها محاصرة من الهون الأفار والفايكنغ والعرب، ولم يكن للقانون والنظام وجود في أراضيها. أما في حوالي 1500 م فكانت الصورة قد بدأت بالتغير، صحيح أن أوروبا كانت فقيرة بالمقاييس الحديثة ولكنها كانت أوفر ثروة بكثير مما كانت عليه قبل خمسة قرون، فكانت مدنها أكبر وأوسع ازدهاراً، والتبادل والتجارة فيما بينها أكثر نشاطاً، والأعمال الفنية والأدبية فيها أكثر وفرة، كما كانت حكوماتها أحدث وأكثر فعالية، ونظرتها للعالم الخارجي نظرة جديدة، وإنه لتكثر فيها الدلائل على الاندفاع والمغامرة والشوق لبلوغ آفاق جديدة.
النهضة
تطلق تسمية النهضة Renaissance أحياناً على ازدهار الفنون والآداب بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر، وهي بالأصل كلمة فرنسية معناها البعث أي الولادة من جديد. وقد شعرت جميع البلاد الأوروبية الواقعة إلى الغرب من روسيا بتأثير تلك النهضة بدرجات مختلفة، وساهمت أكثرها فيها بقسط ما، إلا أن مركزها وقلبها الحقيقي إنما كان في إيطاليا، فقد عاشت في مدنها بين عامي 1350 و 1450 أعداد من الأدباء والفنانين والعلماء والشعراء هي أكبر منها في أي بلد آخر، وكانت أوروبا كلها تقصد إيطاليا لكي تتعلم منها وتحاكي الأشياء الجميلة التي برع الإيطاليون في ابتكارها، وكان هؤلاء بدورهم يتطلعون إلى الماضي الكلاسيكي لليونان وروما.
تكمن جذور النهضة في إعادة اكتشاف جزء من ماضي أوروبا كانت قد حجبته الحضارة المسيحية أثناء العصور الوسطى، فقد مجد المصور رافايلو فلاسفة اليونان العظام في لوحاته، وراح الكتاب الإنسانيون يحاكون أسلوب الخطيب والكاتب الروماني شيشرون من أجل أن يضفوا الأناقة والجمال على لغتهم اللاتينية، والحقيقة أنه بعث الآداب الكلاسيكية هو الذي أعطى النهضة اسمها. ولكن يبقى الدليل الأبرز على إنجازات النهضة هو فنها، فقد خلفت لنا في التصوير والنحت والحفر والعمارة والموسيقى والشعر أعداداً هائلة من الإبداعات الجملية التي صاغت أفكار الناس عن معايير الجمال لقرون طويلة. وقد بلغ هذا الفن ذروته في القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر، وهو العصر الذي ظهر فيه عدد من الرجال العظام منهم مايكل أنجلو النحات والمصور المعماري والشاعر، ورافايلو المصور والمعماري، وليوناردو دافنشي المصور والمهندس والمعماري والنحات والعالم. وكان أهل عصر النهضة يعجبون بأمثال هؤلاء من ذوي البراعات العديدة، الذين أعطوا الناس فكرة جديدة عن قدرة الإنسان على الإتقان والتفوق، وبينوا عظمة مواهبه الدنيوية أعظم مما كانت تعلمه الكنيسة. وإن للفنان مايكل أنجلو لوحة تصور خلق آدم أبي البشر، وتراه فيها بصورة بطل عملاق يفوق في قوته وحدة تعبيره خالقه نفسه، الذي يمده بالحياة من خلال سبابته.
كان أدباء النهضة أول من بدأ باستخدام تعبير العصور الوسطى بل العصر الوسيط، لأنهم كانوا يتحدثون عنها في البداية بصيغة المفرد لوصف ما يقع بينهم وبين الماضي الكلاسيكي الذي كانوا واعين لأهميته وعياً كبيراً. إلا أن الحقيقة الأهم في حياة الأوروبيين لم تكن قد تغيرت كثيراً في عام 1500م، وهي أن الدين مازال قلب حضارتهم، بل إنها الآن قد كست نفسها بثوب الدين وتظاهرت للعالم بأشكال دينية أيضاً. إن أول كتاب طبع في أوروبا إنما هو الكتاب المقدس، فكان يطبع في عام 1500م بترجمات ألمانية وإيطالية وفرنسية أما النسخة الإنكليزية فلم تظهر حتى عام 1526م، وكان أعداد الناس الذين يقرؤونه في ذلك الزمان أكبر مما كانت عليه في أي عهد سابق. وبعد سقوط القسطنطينية شعر الكثير من الأوروبيين أنهم المسيحيون الوحيدون في العالم، إذ لم يكونوا يعرفون عن أهل موسكو إلا القليل القليل، فكانت هذه الفكرة تحرك مشاعرهم، وربما كانت تدفعهم إلى اعتبار أوروبا مركز العالم، مثلما كانت أورشليم ذات يوم.
الاكتشافات
يفسر هذا التغير في الأجواء مجيء العصر الذي سمي عصر الاكتشافات، وهي في الحقيقة اكتشافات اقتصرت على الأوروبيين تقريباً منذ القرن الخامس عشر فما بعد. كانت خريطة العالم لبطليموس قد وصلت إلى الغرب في عام 1400م، ثم طبعت ونشرت من جديد في عام 1477 فأعطت الأوروبيين أفكاراً جديدة، ولكن المعلومات التي توافرت في ذلك الحين قد سبقت بطليموس بأشواط بعيدة، خاصة من ناحيتين اثنتين: أولاُ: بسب اكتشاف أراضي في الغرب وراء المحيط الأطلسي لم يكن بطليموس على علم بها. ثانياً: بسبب إمكانية الوصول إلى آسيا عن طريق الدوران بحراً حول أفريقيا. وكان للتقدم التقني في مجالي بناء السفن والملاحة أهمية كبيرة في تلك الاكتشافات، ولكن التقنية وحدها لاتكفي لتفسير روح هذا العصر، فالصينيون كانوا يعرفون البوصلة المغناطيسية منذ زمن بعيد، وكانوا قد بنوا سفن الينك الشراعية العابرة للمحيطات، بينما كانت مراكب الدَّهْو العربية تجوب عرض المحيط الهندي، كما قام سكان جزر المحيط الهادي البعيد برحلات طويلة وغامضة في قوارب الكنو المفتوحة، وكانوا ذوي مهارة كبيرة في شؤون الملاحة. ويبقى السؤال الأساسي: لماذا كان الأوروبيون هم الذين وحدوا الكرة الأرضية من خلال مغامراتهم البرية والبحرية الطويلة، والتي امتدت حتى استكشاف القطبين الشمالي والجنوبي في القرن العشرين؟ لماذا لم يسبقهم العرب أو الصينيون إلى الأمريكيتين؟ في الحقيقة أننا لانستطيع أن نجيب على هذا السؤال بجواب واحد وبسيط، بل كانت هناك عوامل كثيرة تراكمت وتضافرت فيما بينها، ويفضل ألا نعطي أيا منها الدور الحاسم في إنجازاتهم تلك.
من الواضح أن تحسن تصميم السفن وبنائها كان عاملاً هاماً في تحضير أوروبا لدورها العالمي الجديد، كان الأوروبيون يستخدمون القائم الكوثلي (الدفة الخلفية) في عام 1300، كما تحسنت الأشرعة أيضاً فصارت السفن أسهل قيادة وآمن وأسرع. وفي عام 1500م كان المركب الثخين الذي استخدمه بحارة العصور الوسطى في شمال أوروبا قد زال وحل محله مركب صغير ذو ثلاث صواري وأشرعة مختلطة بعضها عرضاني وبعضها طولاني، وهذا هو التصميم الأساسي للسفينة الشراعية التي سوف تسود البحار طوال ثلاثمائة وخمسين سنة. وقد حصلت أيضاً تطورات هامة في الملاحة، فقبل قرون عديدة كان بحارة الفايكنغ البارعون يقومون برحلات طويلة في المحيط بعيداً عن مرأى اليابسة، لأنهم كانوا يعرفون الإبحار على خط عرض ثابت مهتدين بارتفاع الشمس عن الأفق عند منتصف النهار لكي يبقيهم على مسارهم. ثم وصلت البوصلة في القرن الثالث عشر إلى المتوسط وبدأ البحارة باستخدامها ولعلها أتت من الصين، ولكن ما من دليل مباشر على ذلك، وفي عام 1270م تجد أول إشارة لاستخدام الخريطة في سفينة، وقد سهلت الخرائط معرفة الأوروبيين بالجغرافية وانتشار تلك المعرفة بصورة متسارعة خلال القرنين القادمين.
إن لقصة الاكتشافات هذه ناحية أخرى شكلتها مجموعة من الدوافع الجديدة، منها دافع هام هو دافع الربح والأمل بالمكاسب التجارية، إذ كان من المعروف أن الذهب والتوابل تأتي من جنوب الصحراء الكبرى، فربما أمكن اكتشاف مصدرها إذن؟ ثم كان فشل الحملات الصليبية وعودة الإسلام للبزوغ والتقدم في شرق المتوسط والبلقان والهند أيضاً، ولو أنه كان ينسحب في إيبريا، وإن تزايد الخطر العثماني قد حفز أحلام الأوروبيين بإيجاد طريقة للالتفاف حوله أو حلفاء يمكن الاستفادة منهم ضده. ولاتنس أيضاً دافع الحماس الديني والرغبة بالتبشير بالمسيحية، لأن المستكشفين الأوائل كانوا رجالاً من العصور الوسطى يرون العالم بمنظار ديني، فكانوا يأملون بإيجاد الكاهن يوحنا* Prester John ملك إثيوبيا المسيحي، الذي تتحدث عنه الأساطير، فضلاً عن رغبتهم بهداية الناس وضمهم إلى كنيسة المسيح. وكان هناك أخيراً دافع الفضول. ولكن مهما كان الدافع الأقوى في كل حالة من الحالات، فإن النتيجة كانت في المحصلة تزايد اهتمام الأوروبيين الغربيين برحلات المغامرة واستكشاف المحيطات في القرنين الثالث عشر والرابع عشر.
البرتغاليون
كان من أبرز المهتمين بتلك المغامرات الاستكشافية الأمير هنري شقيق ملك البرتغال، وقد سمي لاحقاً هنري الملاح ، ويبدو أن ماء البحر يجري في عروق البرتغاليين، كما هي الحال لدى رجال جنوب غرب إنكلترا. إن ساحل البرتغال بأكمله واقع على المحيط الأطلسي، ومن مرافئه الصغيرة كانوا يرسلون المئات من المراكب من أجل صيد السمك والمتاجرة، وعليها تدرب البحارة الذين نقلوا المستوطنين الأوروبيين الأوائل إلى الأطلسي، وكان أكثرهم من البرتغاليين، وعدد قليل من الإسبانيين الباحثين عن الأراضي في جزيرة ماديرا وأرخبيل الكناري. وحتى في مغامراتهم التجارية كان البرتغاليون مضطرين للتطلع إلى الأطلسي أيضاً، لأن إسبانيا تطوقهم على البر كما أن الجنوبيين والبنادقة كانوا يستأثرون بتجارة المتوسط لأنفسهم ويمنعونهم عنها بشراسة، وقد قاد البرتغاليون حملات صليبية لهم في المغرب ولكن من دون أن يحرزوا تقدماً هاماً فيها.
كانت رعاية الأمير هنري لعمليات الاستكشاف هذه أشبه برعاية الأبحاث العلمية في أيامنا، وقد نظم الحملات نحو الجنوب على امتداد ساحل أفريقيا، ففي عام 1434 م دار البرتغاليون للمرة الأولى حول رأس بوجدور، وبعد عشر سنوات ثبتوا أقدامهم في جزر الآزور، وكانوا قد بلغوا الرأس الأخضر على ساحل أفريقيا. وفي عام 1445م وصلوا إلى السنغال وسرعان مابنوا حصناً فيها، ثم عبروا خط الاستواء في عام 1473م وبلغوا طرف أفريقيا في عام 1487، أي رأس الرجاء الصالح، وكان بانتظارهم غنيمة عظيمة، هي تجارة التوابل عبر المحيط الهندي التي طالما احتكرتها مراكب الدهو العربية، إلا أن وجود تلك التجارة قد مكنهم من الاستفادة من البحارة العرب. وعند نهاية القرن تقريباً كلف ملك البرتغال مواطنه القبطان فاسكودوغاما بإيجاد طريق إلى الهند، فأخذ معه بحاراً عمانياً من شرق أفريقيا، وأبحر صوب الشرق إلى أن رسا بسفينته في كلكتا على الساحل الغربي لشبه القارة، وكان هذا في أيار (مايو) من عام 1498.
عصر الاكتشافات الكبرى
1445
البرتغاليون يرسون في جزر الرأس الأخضر
1455
المرسوم البابوي يعترف باحتكار البرتغاليين لاستكشاف أفريقيا
1460
وفاة الأمير هنري الملاح
1469
ألفونسو الخامس ملك البرتغال يبرم عقد إيجار باحتكار تجارة أفريقيا الغربية مقابل الاستمرار باستكشافها
1479
إسبانيا توافق على أن تتمتع البرتغال بحقوق احتكار التجارة مع غينيا
1481
تأسيس حصن في إلمينا في غانا الحالية كقاعدة لتجارة البرتغال مع أفريقيا
1482
البرتغاليون يصلون إلى الكونغو
1488
بارتولوميو دياز يدور حول رأس الرجاء الصالح
1492
كريستوف كولومبس يصل إلى جزر الهند الغربية
1494
معاهدة توردسيلاز تعطي إسبانيا الحقوق الحصرية بالاستكشاف إلى الغرب من خط شمالي جنوبي عبر الأطلسي، والبرتغال تأخذ حقوقاً مشابهة إلى الشرق من الخط نفسه
1496
أول رحلة استكشاف للإيطالي جون كابوت، بتفويض من هنري السابع ملك إنكلترا
1497
كابوت يصل على نيوفونلند في رحلته الثانية
1498
فاسكو دو غاما يصل إلى كلكتا بعد أن اكتشف الطريق البحرية إلى الهند
1499
الفلورنسي أمريغو فسبوتشي يكتشف أمريكا الجنوبية تحت علم إسبانيا
1500
البرتغالي بيدرو ألفاريز كابرال يكتشف البرازيل
1507
استخدام تسمية أمريكا للدلالة على العالم الجديد
1508
كابوت ينطلق بحثاً عن الممر الشمالي الغربي
1513
بالبوا يعبر مضيق دارين ويصل إلى المحيط الهادي
1519
البرتغاليان فرديناند ماجلان وخوان سيباستيان دل كانوا يبحران غرباً بحثاً عن جزر التوابل
1522
دل كان يعود إلى إسبانيا بعد أن أتم الدوران حول الكرة الأرضية
العالم الجديد
قبل ست سنوات من هذا التاريخ كان البحار الجنوبي كريستوف كولومبس قد خطا خطوة أخرى أعظم من سابقتها، لقد طلب في البداية من ملك البرتغال أن يدعمه في رحلة استكشاف كان يعتقد بناء على جغرافية بطليموس أنها سوف تسمح له ببلوغ قارة آسيا عن طريق الإبحار غرباً عبر المحيط الأطلسي، ولكن الملك لم يستجب لطلبه. ثم نجح في عام 1492 في إقناع الملكة الكاثوليكية إيزابيلا ملكة قشتالة بأن تمنحه دعمها، وهذا ما مكنه أخيراً من أن يستهل رحلته. وبعد 69 يوماً رست سفنه الصغيرة الثلاث في جزر البهاما، وبعد أسبوعين اثنين اكتشف كوبا وسماها هسبنيولا، ثم عاد في العام التالي بحملة أفضل تجهيزاً بكثير واستكشف الجزر التي تعرف منذ ذلك الحين بجزر الهند الغربية الأنتيل. لقد اكتشف كولومبس في الحقيقة العالم الجديد من دون أن يعلم، واستخدمت التسمية للمرة الأولى في عام 1494م، وإن قفزته في الظلام قد بدلت تاريخ العالم. كان البحارة البرتغاليون قد أبحروا بشجاعة ومهارة كبيرتين، ولكن بصورة منظمة حول قارة معروفة ونحو هدف معروف أيضاً، أما كولومبس فقد وقع على قارتين كاملتين لم يكن أحد يعلم بوجودهما من قبل ولا كان أحد ينتظر اكتشافهما، لهذا فقد كانتا جديدتين حقاً. وفي عام 1495 ظهرت أول خريطة تبين اكتشافاته، وكانت كوبا فيها بشكل جزيرة وليس كجزء من بر آسيا، وكان قد جعل رجال طاقمه يقسمون على ذلك، ولكن كولومبس رفض الاعتراف باحتمال وجود قارة جديدة، وظل حتى آخر يوم في حياته متشبثاً بفكرة أنه إنما اكتشف الجزر القريبة من قارة آسيا.
إن لهذه القصة تتمة هامة لابد لنا من ذكرها هنا، ففي عام 1502م انطلق رجل إيطالي في مركب برتغالي من ساحل البرازيل الحالية وأبحر حتى نهر بلات جنوباً، وقد بينت رحلته هذه بصورة جازمة أن ثمة قارة كاملة إلى الجنوب من منطقة الكاريبي حيث تمت أولى الاكتشافات الكبرى. هذا الرجل الإيطالي كان اسمه أمريغو فسبوتشي، وتكريماً له قام عالم جغرافي ألماني بعد خمس سنوات بتسمية القارة الجديدة على اسمه، فصارت تدعى أمريكا. وقد استخدمت هذه التسمية نفسها بعد ذلك للدلالة على القارة الشمالية أيضاً.
وهكذا كان الاستكشاف آخر القوى العديدة والمعقدة التي أدت بالأوروبيين إلى رؤية علاقتهم ببقية العالم بطريقة جديدة، ثم أنهم بعد أن اكتشفوا العالم راحوا يعملون على تغييره وتبديله أيضاً، وكان تدفعهم ثقة عظيمة بأنفسهم تتزايد مع تزايد نجاحاتهم وتراكمها الواحد فوق الآخر.إن الاكتشافات الأخرى التي أحرزوها بحلول عام 1500م قد وضعتهم على عتبة عصر جديد سوف تزداد قوتهم فيه نمواً وتوسعاً حتى بدت وكأنها لاحدود لها. وإن العالم لم يأت إليهم بل إنهم خرجوا وأخذوه بأنفسهم، وقد بلغوا في ذلك نجاحاً أكبر بكثير من أجدادهم الصليبيين. ومن أجل أن نفهم أسباب نجاحهم هذا وطريقة حدوثه ينبغي علينا الآن، أن نلتفت إلى العالم الذي كانوا يكتشفونه ونعرف قصته، وقد كان ذلك العالم أيضاً ثمرة تواريخ طويلة، ولو أن قصتها مختلفة جداً عن قصة المكتشفين والفاتحين.
* زعم بعضهم أنه كان يحكم في الشرق الأقصى وسموه ملك الهند - المترجم